القائمة البريدية

تابعنا على تويتر

WhatsApp تواصل معنا

96599429239+

البحث

البحث

الزيارات

3766
زوار اليوم الحالي
147
زيارات اليوم الحالي
1816
زوار الاسبوع الحالي
49742
زيارات الاسبوع الحالي
147
زوار الشهر الحالي
3766
زيارات الشهر الحالي
5500670
كل الزيارات

عدد الزوار

انت الزائر رقم : 433798
يتصفح الموقع حاليا : 773

عرض المادة

إبراء الذمة بكشف ما في عاشوراء مِن البدعة والسُّنَّة

بسم الله الرحمن الرحيم

إبراء الذمة بكشف ما في عاشوراء مِن البدعة والسُّنَّة

الحمد لله الذي مَنَّ علينا بنعمة الإسلام والسُّنَّة، والصلاة والسلام على المبعوث هدى ورحمة للأمة، وعلى آله وأصحابه أئمة الهدى، ومصابيح الظُّلْمَة.

أمَّا بعد: فإنَّ الله فَضَّل هذه الأُمَّة على غيرها بتعاقب مواسم الخير التي تتضاعف فيها الأجور، وتُكتَسب فيها الفضائل والحبور، وإنَّ مِن المواسم العلية ومطالب الخير الجليَّة: شهر الله المحرم، لا سيما عاشره، فكم مِن أجرٍ وسناء، وكم تسابق في نيل فضائله القرناء.

والناس في عاشوراء على صنفين اثنين؛ صنفٌ اتبعوا سُنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يعدوها، وصنفٌ ابتدعوا أعمالًا وهم لاقوها، وقد أردتُ بيان حال الطائفتين، وتمييز الطَّيِّب مِن الصنفين؛ إظهارًا للحقّ، ونُصحًا للخلق، والله المستعان وعليه التكلان.

فأَبتَدِئ بِذِكر حال الناس في عاشوراء وأقسامهم، ثم أُثَنِّي بما يُسَنّ فيه مِن عَمَل، مع بيان مراتب ذلك العمل ودرجاته، وذِكْر فضله، ثم أعرض لحال المبطلين وبِدَعهم فأُبَيِّنها، مع إزاحة الشُّبه التي تَلَبَّس بها أهل الأهواء.

أولًا: بيان أقسام الناس في عاشوراء.

اعلم -رحمك الله- أنَّ الناس في عاشوراء على صنفين مجملين: أحدهما: أهل السُّنَّة والاتِّباع، والآخر: أهل الأهواء والابتداع، وإنْ شئت التفصيل فعلى ثلاثة أصناف، الأولى: أهل السُّنَّة، والثانية: الناصبة واليهود، والثالثة: طائفة ضالة.

أمَّا أهل السنَّة: فهم أهل الوسطية في الأمر كله، وهم وسط بين الطوائف سالفة الذكر، فلا يتخذون عاشوراء عيدًا للفرح؛ كاليهود، أو كالناصبة الذين يفرحون فيه لموافقته مقتل الحسين بن علي -رضي الله عنهما-، كما لا يتخذونه يوم حزن ومأتم ونياحة -مثل بعض الطوائف- وإنّما اتبعوا فيه سُنَّة الهادي -صلى الله عليه وسلم-، فصاموه كما صامه؛ تقربًا إلى الله -عز وجل- وشكرًا، وإذا عَلِمْتَ موقف هؤلاء، فاعلم أنَّ السُّنَّة في عاشوراء هي ما عليه أهل السنة والجماعة؛ في اتخاذهم إياه يوم صوم يُتَقَرَّب فيه إلى الله، فهلمَّ إلى بيان ذلك الصيام كيف يكون، وبيان فضله -إن شاء الله تعالى-.

فضل صيام شهر محرم، وآكده عاشوراء.

قد علمت -مما سبق- أنَّ السُّنَّة في عاشوراء هي صيام يومه فقط، واعلم أنَّ لذلك الصيام فضلًا عظيمًا؛ لما لشهر محرم مِنْ فضلٍ على غيره مِن الشهور إلا رمضان، وقد نوَّه رسولنا -صلى الله عليه وسلم- بشهر الله المحرم، وحثَّ على صيامه، كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ». أخرجه مسلم في صحيحه (1163).

ويتضاعف هذا الفضل في عاشره، ويتأكَّد صيامه، وقد جاء في فضله أحاديث كثيرة صحاح، منها: ما جاء عن أبي قتادة -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: « صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أنْ يُكَفِّر السَّنَة التي قبلها ». أخرجه مسلم في صحيحه (1162).

وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحرص الناس على صيامه، كما في حديث عبدالله بن أبي يزيد، أنَّه سمع ابن عباس -رضي الله عنهما- وسئل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: « ما علمت أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صام يومًا يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم، ولا شهرًا إلا هذا الشهر -يعني: رمضان-»، وفي لفظ: « ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يتحرى صيام يوم فضَّلّه على غيره إلا هذا اليوم: يوم عاشوراء ». أخرجه البخاري (2006)، ومسلم (1132).

مراتب صيام عاشوراء:

إنَّ لصيام عاشوراء أحوالًا ومراتب قد جاءت في السُّنَّة، وذلك أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- صام عاشوراء، وكان يومًا تصومه اليهود وتُعَظِّمه مِن دون الأيام، فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- مخالفتهم في ذلك، كما حثَّ على مباينتهم في الدين في شؤون كثيرة، ثم إنَّ المنية وافته -بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم- فلم يفعل ما كان عزم عليه قابِل.

فَعَن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « لئن بَقِيتُ إلى قابل؛ لأصومَنَّ التاسع »، وفي رواية قال -أي: ابن عباس-: « حين صام رسول الله -صلى الله عليه وسم- يوم عاشوراء وَأَمَر بصيامه، قالوا: يا رسول الله! إنَّه يوم تُعَظِّمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " فإذا كان العام القابل -إن شاء الله- صُمْنا اليوم التاسع"، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-». أخرجه مسلم في صحيحه (1134).

ورُوي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «صوموا يوم عاشوراء، وخالفوا فيه اليهود، صوموا قبله يومًا، أو بعده يومًا». أخرجه أحمد في المسند (1/24)، وابن خزيمة في صحيحه (2095)، والبيهقي في السُّنن (4/287)، وقال الألباني -رحمه الله- في تعليقه على صحيح ابن خزيمة: "إسناده ضعيف؛ لسوء حفظ ابن أبي ليلى، وخالفه عطاء -وغيره-؛ فرَووه عن ابن عباس موقوفًا، وسنده صحيح عند الطحاوي والبيهقي، لكن ليس فيه إلا صوم التاسع والعاشر".

وقد بنى ابن القيم على ذلك في الزاد (2/76)، وابن حجر في الفتح (4/246) أنَّ صيام عاشوراء على ثلاث مراتب:

المرتبة الأولى: أنْ يصوم ثلاثة أيام؛ التاسع، والعاشر، والحادي عشر.

المرتبة الثانية: أنْ يصوم التاسوعاء والعاشوراء.

المرتبة الثالثة: أنْ يصوم العاشوراء فقط.

أمَّا المرتبة الأولى: وهي صيام الثلاثة؛ فلم يصح به حديث مرفوع عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنَّما هو عن ابن عباس -رضي الله عنهما- موقوفًا عليه، وإنما استحبه بعض أهل العلم؛ لأمرين:

الأمر الأول: أنْ يشك في دخول الشهر فيصوم ثلاثة أيام احتياطًا؛ ليتيقن صوم التاسع والعاشر.

الأمر الثاني: أنْ ينوي بالثلاثة نيتين؛ تحصيل فضل عاشوراء، مع صيام ثلاثة أيام في الشهر؛ لما ثبت عن عبدالله بن عمرو -رضى الله عنهما-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «صوم ثلاثة مِن كل شهر: صوم الدهر كله». متفق عليه.

وأما المرتبة الثانية: أي صيام تاسوعاء وعاشوراء، فهو الثابت الصحيح في السُّنَّة القولية التي سبقت مِن حديث ابن عباس -رضي الله عنهما.-

ويضاف إلى ما ذَكَره ابن القيم حالة أخرى، وهي: أنْ يصوم العاشر مع الحادي عشر، فهذا أيضًا صحيح، خاصة لمن فاته صيام التاسع، فيستدرك ذلك بصيام العاشر مع يوم بعده، وهو الحادي عشر؛ لدلالة الحديث عليه في قوله -عليه الصلاة والسلام-: «...وخالفوا فيه اليهود، وصوموا قبله يومًا، أو بعده يومًا ».

وأما المرتبة الثالثة: فهي صيام عاشوراء وحده، وهي السُّنَّة الفعلية الثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إلا أنَّ الأفضل صيام يوم قَبله؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- عزم على ذلك، فلم يدركه.

إزاحة شبهة موافقة مقتل الحسين -رضي الله عنه- العاشوراءَ.

واعلم أنَّ مما يَلتبس على العامَّة: كون اليوم العاشر مِن الشهر المحرم يوم مقتل الحسين بن علي -رضي الله عنهما-، فيظنُّ بعض الناس أنَّ صيامه إنَّما لذلك الحَدَثِ، ولو تدبَّر لوجد ذلك باطلًا؛ لأنَّ قتل الحسين ليس مما يُفْرح به، بإجماع أهل السُّنَّة والجماعة، فكيف نُؤْمَر بصيامه مع ذلك؟! والصيام إنَّما يندب شكرًا لله -عز وجل- وتقربًا إليه لما أنعم على عباده وأفضل، كما في صيام النبي -صلى الله عليه وسلم- للإثنين؛ لأنَّه يوم وُلِدَ فيه، لا لإظهار الحزن والأسى، وإنَّما صِيمَ يوم عاشوراء؛ لأنَّه يومٌ نجَّى الله فيه موسى -عليه السلام- مع بني إسرائيل مِنْ فرعون، كما جاءت في ذلك آثار كثيرة.

ثم كيف يسبق تشريع لم يأت سببه، فقد شرع صيام عاشوراء قبل مولد الحسين -رضي الله عنه- بسنين، وقد جاء عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنَّها قالت: «كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصومه في الجاهلية؛ فلما قدم المدينة صامه، وأمر بصيامه، فلما فُرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فَمَنْ شاء صامه، وَمَنْ شاء تركه» أخرجه البخاري في صحيحه (2001-2002)، ومسلم (1125).

ثانيًا: بيان حال الطوائف الأخرى في عاشوراء.

لقد أسلفنا أنَّ الناس في عاشوراء على صنفين: أهل سُنَّة، وأهل بدعة، وأنَّ أهل البدع طائفتان: فالطائفة الأولى: النواصب، ويتفق معهم اليهود في الحال؛ فقد اتخذوه يوم عيد وفرح، فَمِنْ بِدَعهم في عاشوراء:

1- التوسيع على الأهل والعيال في المآكل واللباس.

2- الاكتحال والاختضاب.

فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: «كان يوم عاشوراء يومًا تعظمه اليهود وتتخذه عيدًا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: صوموه أنتم»، وفي رواية لمسلم: «كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء؛ يتخذونه عيدًا، ويلبسون نساءهم فيه حليَّهم، وشارتهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: صوموه أنتم». أخرجه البخاري في صحيحه (2005)، ومسلم (1131).

قال النووي في شرح مسلم (8/10): "الشارة: بالشين المعجمة بلا همز، وهي الهيئة الحسنة والجمال، أي: يلبسونهم لباسهم الحسن الجميل".

ولم يصح في فضل التوسعة على العيال في ذلك اليوم خاصة حديثٌ، وقد أنكر شيخ الإسلام -وغيره- ما يُروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ وَسَّع أهله في يوم عاشورا؛ وَسَّع الله عليه سائر سَنَته».

وأمَّا الطائفة الضالة الثانية:

فلهم في عاشوراء ما لا يحصى مِن بدع وشِرك بالله -عز وجل-، وإليك مجمل بدعهم -أجارنا الله من عمل المضلين-:

1- الاستغاثة بالموتى، ودعاؤهم مِنْ دون الله -جل جلاله-.

2- سب الصحابة ولعنهم، فرضي الله عن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجمعين.

3- إقامة المآتم، ولبس السواد.

4- النياحة، وشق الجيوب، ولطم الخدود، وقد نُهينا عن ذلك كله، كما جاء عن الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- قوله: «ليس مِنَّا مَنْ لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية». أخرجه البخاري في صحيحه (1249)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «أربع في أمتي مِن أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة على الميت». رواه مسلم في صحيحه (934).

وحثنا الشارع على الصبر، ووعد بالأجر الجزيل لمن صبر واحتسب، قال الله -عز وجل-: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّر الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُون َ﴾[البقرة:155-157].

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ما مِنْ مسلم يُصاب بمصيبة فيقول: إنَّا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي، وأَخْلِفْ لي خيرًا منها؛ إلا آجره الله في مصيبته، وأخلفه خيرًا منها». أخرجه مسلم في صحيحه (918).

وهذا فيما كان حقًا، أمَّا هذه الطائفة الضالة فإنَّما ينافقون بأعمالهم، وَيَصُدُّون عن سبيل الله.

5- إقامتهم الندوات والمسرحيات، في الكذب وتزوير الحقائق، وما لا يُحصى مِن البدع وسوء الأحوال.

وقد تَبَيَّن لك -مما تَقَدَّم- أنَّ المسنون في عاشوراء: هو صومه فقط لا غير، وأنَّ لذلك الصوم عند الله أجرًا عظيمًا، وأنَّه يُكَفِّر عن سَنَةٍ ماضية، وأنَّ الأفضل صيام تاسعه معه، فلله الحمد على ما مَنَّ به مِن بيان الحق وإبطال الباطل، وصلى الله على عبده ونبيه محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وكتبه

أ.د. حمد بن محمد الهاجري

الأستاذ في كلية الشريعة بجامعة الكويت

4 / محرم / 1440 الموافق 14 / 9 / 2018


المصدر / موقع الشيخ أ.د. حمد بن محمد الهاجري

  • الاربعاء AM 04:55
    2021-10-06
  • 1002
Powered by: GateGold