القائمة الرئيسية
جديد الموقع
القائمة البريدية
تابعنا على تويتر
WhatsApp تواصل معنا
96599429239+
البحث
الزيارات
عدد الزوار
عرض المادة
الرجال الذين يعتمد عليهم في نظر الإمام عبدالرحمن الفيصل
من تشرّف بثقة ولاة الأمر، وتم تكليفه في أي مهمة لخدمة الناس، مهما كبرت أو صغرت، فعليه أن يستشعر المسؤولية، ويراقب الله تعالى، ويكون أهلا للثقة التي مُنح إياها، وليعلم أنه خادم للمواطنين، فليرفق بهم، ويسهل أمورهم، ويقضي حاجاتهم، ويوقر كبيرهم، ويرحم صغيرهم، ويعاملهم بالعدل والإحسان، ومن أخطأ يُحاسَب كائنا من كان، وأعني بالخطأ الذي دلت عليه البينة الشرعية أو النظامية، وليس ما دلّت عليه الظنون والأوهام والقال والقيل،إذ الأصل البراءة إلا بدليل.
فالدولة تحب شعبها وهي في خدمته، وقد قال الملك سلمان حفظه الله: «إن كل مواطن في بلادنا وكل جزء من أجزاء وطننا الغالي هو محل اهتمامي ورعايتي» وقال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله: «خدمة الوطن والمواطنين شرف عظيم ووسام نعتز به»، فإذا كان هذا موقف ولاتنا تجاه المواطنين، فحري بكل موظف، أن يتأسى بهم، وليحرص على خدمة المواطنين، لأن ذلك واجب شرعي، ومطلب وطني، وإذا أخطأ عليه أن يعتذر ويصحح خطأه، فإنه إنما وُجد لخدمة المواطنين، وأذكر أني سمعت الشيخ عبدالعزيز التويجري رحمه الله - وهو معروف بتواضعه وحكمته وخدمته للناس - يحدث عن نفسه أنه ذات مرة أغضبه المراجعون، فنهرهم، وأمر بإخراجهم من مكتبه، ولم يكن ذلك من عادته وطبعه، وكان عنده رجل عامي، يتصف بالعقل والحكمة، يعمل في مكتبه لصب القهوة، قال له: بعد أن انصرف المراجعون: «غرك الكرسي يا عبدالعزيز، وانتفخ رأسك، ترى الدولة ما جابتك هنا إلا لتخدم الناس، أنت أجير للدولة في هذا المكان، ومثل ما جابوك يجيبون غيرك» فما كان منه إلا أن دعاهم واعتذر لهم، وأجاب طلبهم.
ورواية الشيخ التويجري لهذه القصة، تدل على تواضعه، وحكمته، وثقته بنفسه، ورغبته من خلال رواية هذه القصة، نصح كل من ولي مسئولية، وإلا فمعاليه من رجال الدولة الكبار رحمه الله.
إن كثيرا من المديرين والمسؤولين، يتمتعون بخلق فاضل، وخدمة للمواطنين بحمد الله، ولكن مع هذا يوجد مع الأسف من يظن أن الكرسي، يجعله مخدوماً لا خادماً، فيحيط نفسه بهالة من الكبرياء، وربما آذى الناس، وألقى بينهم العداوة والبغضاء، وعطّل مصالح المسلمين، محتجاً بالنظام، وهو غير صادق في ذلك، فالنظام في خدمة الناس، وهو بهذا المسلك يُنفّر الناس، ويفتت اللحمة الوطنية، فهذا الصنف من الناس لا يُعتمد عليهم، وقد قال الإمام عبدالرحمن الفيصل رحمه الله، عندما رأى بعض المنفرين، قال في رسالة كتبها لابنه الملك عبدالعزيز رحمه الله عام 1328 ما يلي: «والرجال الذين يُعتَمد عليهم - الله يسلمك - ليسوا هؤلاء، بل هم الذين يُسخِّرون الناس لكم، ويحببون لكم الناس».
وهذه كلمات من الإمام عبدالرحمن رحمه الله، تُكتَب بماء الذهب.
ولما تحمَّل أمير جهة من الجهات أمام الملك عبدالعزيز، مسئولية خطأ بعض الناس في جهته، وبذل جهده في الإصلاح، وجمع الناس على الحق، علّق صاحب كتاب لسراة الليل قائلا «ومثل هذا الرجل الذي يحمل المسؤولية، ويجمع الناس، ولا يفرقهم، هو رجل الدولة».
لقد وضع الملك عبدالعزيز نصب عينيه خدمة المواطنين، والرحمة بهم، والشفقة عليهم، ومن الشواهد على ذلك، أنه عندما أراد أن يولي أحد الناس على جهة من الجهات، قال لأهل تلك الجهة عينَّاه لكم: «1- لثقتنا به موجب أفعاله الطيبة التي عرفناها فيه.
2- أنه معلوم عندنا أنه كفء ومنكم، يحن عليكم، يستر الزلة، ويعين الطيِّب، ورحمة للذي فيه خير، وستر على ضعيف العقل».
وهذا - أعني خدمة المواطن- ما يؤكد عليه دائما وأبداً الملك سلمان، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله، فهما من مدرسة الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله، وعلى دربه ومنهجه.
ولذلك فخدمة المواطنين لدى قيادة هذه الدولة السعودية، لا نظير لها في العالم، وانظروا - في زماننا هذا - كيف قدمت الدولة السعودية وفقها الله، صحة المواطن على المال والاقتصاد في جائحة كورونا.
هؤلاء هم قادتنا:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم*** إذا جمعتنا يا جريرُ المجامعُ.
فيا أيها المسؤول مديرا أو رئيساً أو غيرهما، لك في القيادة أسوة، اخدم المواطنين، اجعلهم يخرجون من مكتبك وهم يدعون للدولة بالتوفيق، لا تستفزهم، ولا تظلمهم، ولا تنفّرهم، فإن لم تستطع إلا الفظاظة والغلظة، والتلذذ بتعقيد الناس، فمن الخير لك وللناس أن تنصرف لعلاج نفسك من تلك الفظاظة، وتترجّل لتتيح الفرصة لمؤهل خير منك، يحقق مقاصد الشريعة، وتطلعات القيادة.
إن من الناس من لا يهمه إلا مصالحه الخاصة، ولا تهمه المصالح العليا للدولة، وهؤلاء ليسوا رجال دولة، بل هم «مصدر البلاء»، كما يسميهم الملك عبدالعزيز، يقول رحمه الله: «مصدر البلاء أولئك الذين ينظرون إلى مصالحهم الخاصة ومنافعهم الذاتية، فيدوسون في سبيلها كل شيء يعترضهم في الطريق... ولا يفكرون إلا في أنفسهم، ولم يحسبوا لله حساباً».
مقال المسؤولية الرأي خدمة الوطن المواطن واجب شرعي
-
الاربعاء PM 01:54
2021-12-15 - 1059