القائمة الرئيسية
جديد الموقع
القائمة البريدية
تابعنا على تويتر
WhatsApp تواصل معنا
96599429239+
البحث
الزيارات
عدد الزوار
عرض المادة
تسويغ خطأ الموافق ورد صواب المخالف
في قول الله تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا) خبرٌ عن حال بعض الناس في صدودهم عن حكم الله ورسوله، مع أن حكم الله أعدل وأحسن، قال تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)، لكنهم مع صدودهم عن حكم الله ورسوله، يسعون لفتنة الناس عن الحكم به، بشبهات واهية، واليوم نرى مع الأسف الشديد بعض المسلمين- هداهم الله - يأتون بشبهة تلقفوها من أعداء الإسلام، وصاروا يبثونها في الناس.
وخلاصة شبهتهم: يقولون إن حكم الله ورسوله مقدّس، لكن فهم الناس لهما غير مقدس، وبالتالي: لا أحد يستطيع فهم حكم الله ورسوله فهماً صحيحاً، فليُترَك الحكم بهما، ويُستبدَل بغيرهما.
وهي شبهة ساقطة داحضة، فالمقدمة التي بنوا عليها شبهتهم مقدمةٌ باطلة، ونتيجتها كذلك باطلة، وما بُني على باطل فهو باطل، ثم إنها معارضة كذلك للنصوص الشرعية وهي كثيرة ومعلومة، ويلزم عليها - أيضاً- لوازم باطلة، وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم، ومن تلك اللوازم الباطلة ما يلي:
1 - مقتضى شبهتهم: أن القوانين البشرية، والمناهج الفلسفية والنظم الديموقراطية والليبرالية والعلمانية، يفهمها الناس ويعملون بها، وأما كلام الله وكلام رسوله، فإنه يتعذّر فهمه فهما صحيحاً، وكأن الله لم ينزل كتابه عربيا مبينا واضحا ونوراً وهدى وفرقانا ومُحْكَما، وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأت بجوامع الكلم وأفصح العبارات، يفهمها طالب العلم في حلقة العلم، والأعرابي الذي مع غنمه، وما خفي على العوام والقُرَّاء والكُتَّاب ونحوهم، أمر الله أن يسألوا عنه أهل العلم والفقه، تيسيرا من الله لعباده.
وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: (التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يُعذَر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله)، وهذا النوع الرابع الذي لا يعلمه إلا الله هو علم كيفية الصفات وليس علم معناها، مثال ذلك: الاستواء، فالاستواء نعلم معناه وهو العلو، ولكن كيفيته مجهولة لنا، لأن الله لم يخبرنا بالكيفية.
فدعوى أنه يتعذّر فهم النصوص الشرعية فهما صحيحا: دعوى باطلة.
ومقتضى قولهم: أنه ما دام ليس هناك فهم معتبر، كما يقولون، فإنه ليس هناك فهم صحيح للشريعة، ولا تطبيقٌ صحيح لها، منذ ما يزيد عن ألف عام، فهذا لازم قولهم، ولاريب أن مجرد تصور هذا اللازم كاف في إبطال دعواهم.
2 - يلزم من هذا القول: عدم قيام الحجة على الخلق، وبالتالي يكونون معذورين، فإذا فهم الخوارج أو غيرهم من حركات العنف، إذا فهموا كتاب الله وسنة رسوله بفهمهم وقتلوا الناس، وزعزعوا الأمن، فيلزم على قول أصحاب تلك الشبهة، أنهم غير مؤاخذين، لأن القرآن والسنة وإن كانا مقدسين، إلا أن الجزم بفهمهما متعذر، وبالتالي لا يلام الخوارج لأنهم يقولون هذا هو فهمنا، وليس هناك فهم مقدس تحتجون به علينا، وليس فهمكم أولى من فهمنا، وبطلان هذا اللازم يدل على بطلان الملزوم.
3 - أن في ذلك هدم للشريعة، وتنحية لها، إذ - على قولهم - يكون لا فائدة من النصوص الشرعية، ما دامت صامتة لا يُجزم بفهمها فهما صحيحاً، ولا يحتج بإجماع، ولا يحتج بفهم للصحابة الذين أمرنا الله باتباع سبيلهم في فهم النصوص، فقال تعالى ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) فالمؤمنون هم الصحابة، لأنهم هم المؤمنون وقت نزول الآية، فالله يأمرنا باتباع سبيلهم وأهل الأهواء، يقولون ليس هناك فهم معتبر، بل لكل فهم، ففتحوا بذلك باب الضلال، فدخل منه: الخوارج والمعتزلة والمرجئة والرافضة والمتفلسفة وسائر أهل الضلال.
4 - يلزم من قولهم: أنه لا معنى لأمر الله من رد المتشابه إلى المحكم، ولا معنى لتدبر القرآن، ولا معنى لأمر الله للناس أن يتحاكموا إلى كتابه، لأن الحاكم بما أنزل الله بشر، وله فهم، وعندهم لا اعتبار لفهم أحد للنص.
5 - يلزم من قولهم: أنه لا يقبل إلا قول المعصوم والمقدّس، وهذا غير صحيح، فالعلماء موثوقون، وإن لم يكونوا معصومين ولا مقدّسين، ألا ترى أن الله استشهد بهم من دون سائر الناس، على أعظم مشهود به وهو التوحيد فقال تعالى (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ).
6 - يلزم من قولهم: أن حال الناس بدون الحكم بالكتاب والسنة أحسن من الحكم بهما، وأن أنظمة اللبيرالية والعلمانية، أهدى سبيلا من حكم الله ورسوله.
فيا لله ما أعظم جرأتهم، فاللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
وفي ختام هذا المقال أُنبه إلى أمرين:
1 - من الضلال معاداة حكم الله ورسوله، وتحكيم الشريعة، بحجة معاداة حزب الإخوان الذين يدّعون أنهم يطبقونها ويحكمون بها، فهذه حجة باطلة، ثم إن حزب الإخوان المسلمين لا يُطبقون الشريعة، ولا يتحاكمون إليها، ولا يحكمون بها، كما هو مُشاهَد عياناً بياناً، وإنما يدّعون تطبيق الشريعة مجرد ادّعاء، لتكون تلك الدعوى والشعار وسيلةً لكسب الأتباع الذين تخدعهم شعارات الإخوان، ولا يعلمون حقيقة دَجَلِهم، وإلا فحزبٌ مدعوم من أعداء الإسلام، وأُسس على الصوفية والحزبية من أول يوم، كيف يُتصَور أن يحكم بالإسلام الذي شرعه الله ورسوله؟ هذا لا يُتصور قط، فضلا عما يشاهده المسلمون من جناية حزب الإخوان على الإسلام والمسلمين، فهذا الحزب الإخواني إنما أنشئ ودُعم من أعداء الإسلام بقصد الضرار لدين الإسلام، وأصحاب تلك الشبهة يعلمون أن حزب الإخوان يخالفون الشريعة، ولا يحكمون بها، وإنما أرادوا التهوين من الشريعة، تحت غطاء نقد الإخوان.
2 - أن الحكم بما أنزل الله لا يعني عدم صلاحية الأنظمة والقوانين التي لا تخالف الشريعة، كلا، فكل نظام يقرره ولي الأمر ذو البيعة الشرعية، لا يتعارض مع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهو واجب الاتباع شرعاً، لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ولو كان ولي الأمر لا يطاع إلا بما أمر الله به ورسولُه، لما كان له مزية عن غيره من الناس، فكل أحد إذا أمر بما أمر الله به ورسوله فإنه يجب أن يُطاع، ولكن ولي الأمر يطاع بهذا، ويطاع إذا سن نظاما فيه مصلحة لا تخالف شرع الله، كأنظمة المرور، والتعليم، والصحة والأمن وغير ذلك، وطاعته في ذلك من طاعة الله تعالى الذي أمر بطاعته في غير معصية، وهكذا العقود والصلح ونحوهما، كما يدل عليه قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وفي الحديث (المسلمون على شروطهم)، وقد صالح النبي صلى الله عليه وسلم كفار مكة، وصالح يهود المدينة، فكل المصالحات والعقود والأنظمة والقوانين التي لا تخالف الشريعة إذا عقدها وأمر بها ولي الأمر ذو البيعة الشرعية في الدولة فإنه يجب الالتزام بها شرعا.
-
السبت PM 11:13
2021-12-18 - 1090