القائمة الرئيسية
جديد الموقع
القائمة البريدية
تابعنا على تويتر
WhatsApp تواصل معنا
96599429239+
البحث
الزيارات
عدد الزوار
عرض المادة
زحام على جحر الضب
قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري ومسلم: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب؛ لدخلتموه)، قالوا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: فمن) أي: فمن غيرهم.
وهذا الحديث عَلَمٌ من أعلام نبوته عليه الصلاة والسلام، لأنه أخبر عن شيء فوقع كما أخبر تماما، ولا تعارض بين القدر والشرع، فالنبي يخبر عن أشياء أنها ستقع من بعض هذه الأمة، وإن كان ذلك منهياً عنه شرعا.
فحذّر على سبيل المثال من الشرك، مع أنه عليه الصلاة والسلام أخبر - كما في صحيح البخاري - أنه (لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة)، وذو الخلصة: طاغية دوس وصنمهم الذي كانوا يعبدون في الجاهلية، وحذر من التفاخر والتنابز بالألقاب ودعوى الجاهلية، وقال: (إن الله قد أَذْهب عنكم عُبِّيَّةَ الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي وفاجر شقي، النّاس كلهم بنو آدم، وآدم خلق من تراب)، مع أنه أخبر - كما في صحيح مسلم - أن أربع خصالٍ في بعض هذه الأمة، هي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة، فالإخبار القدري بوجودها، لا يعني مشروعيتها، كما أن الله شاء وجود إبليس قدراً، وأمر بمخالفته شرعاً، ولا تعارض بين الشرع والقدر كما تقدم.
ومن ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر في قوله (لتتبعنَّ) بمؤكدات كثيرة، وهي القسم المقدر، واللام، والنون، والتقدير: والله لتتبعن، فأكد بهذه المؤكدات أن هناك من يتبع المغضوب عليهم (اليهود)، والضالين (النصارى)، ذراعا بذراع، القذة حذو القذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلوه تبعا لهم، وهو بهذا ينهى أمته عن هذا السلوك، وما أكثر الأحاديث التي تنهى عن اتباعهم، بل تأمر بتقصد خلافهم، كقوله في أحاديث كثيرة: (خالفوا اليهود والنصارى)، وقد ثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت الغروب، معللاً ذلك النهي بأنها تطلع وتغرب بين قرني شيطان، وأنه حينئذ يسجد لها الكفار.
ومعلوم أن المؤمن لا يقصد السجود إلا لله تعالى، وأكثر الناس قد لا يعلمون أن طلوعها وغروبها بين قرني شيطان، ولا أن الكفار يسجدون لها، ومع هذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في هذا الوقت حسماً لمادة المشابهة بكل طريق، فكل ما هو من خصائص الكفار في عباداتهم أو أعيادهم ونحو ذلك، فهو منهي عنه.
وليس المراد عدم الاستفادة مما لديهم من علوم الدنيا، التي فيها نفع للبلاد والعباد، كلا، بل ذلك مطلوب، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى بها، وديننا يأمر بالعلم والاستفادة مما عند الآخرين، مما فيه نفع للبلاد والعباد.
ومع الأسف هناك فئام من الناس لا يأخذون من الكفار ما يفيد البلاد والعباد من الصناعات والتقنية ونحوها، وإنما يتبعوهم فقط في الجانب السيئ لديهم، من سفاسف الأخلاق والأقوال والأعمال، ومظاهر ذلك كثيرة، نراها في انهزامية بعض بني جلدتنا، ممن لم يعتزوا بهويتهم، ولا بلغتهم، ولا بأخلاق الإسلام، وكأنهم لا يعلمون ما تتضمنه أصول الإسلام العظيمة في التعامل من الصدق، والأخلاق، والإحسان، وحفظ النظام، ودقة المواعيد، والنظافة وإماطة الأذى عن الطريق، وإتقان العمل، وغير ذلك من فضائل دين الإسلام، فصاروا يقلدون الكفار في ما لا فائدة فيه، بل فيه مضرة، كلباس النساء شبه العاري، وكأكلهم بالشمال، وكمتابعتهم ومشابهتهم في أعيادهم واحتفالاتهم الدينية الخاصة بهم، وكثيرا ما نرى بعض المنهزمين يتحدث في الإعلام وهو عربي ومحاوره عربي، نراه يقحم في حواره ألفاظا من لغة الكفار، لا تدعو الحاجة إليها، لكنه ربما قصد لفت نظر الناس إلى أنه يعرف لغة أخرى، وربما يكون ذلك بسبب انهزاميته وضعف اعتزازه بلغته لغة القرآن الكريم، وأياً كان فهذا المسلك غير صحيح، لأنه لا حاجة لذلك، وليت من يقلدهم يقلدهم في اعتزازهم بلغتهم، فهم لا يتحدثون العربية وإن كانوا بحاجة لها، بل يجبرون غيرهم على التحدث معهم بلغتهم، لأنهم يعتزون بلغتهم، ونحن أولى منهم بالاعتزاز بلغتنا، وعدم الحديث بغيرها بدون موجب، وأما لو سافر إليهم الإنسان واحتاج الحديث بلغتهم، أو اقتضت المصلحة لأي سبب أن يتحدث بلغتهم، لكان ذلك سائغاً، ومن مظاهر اتباع الكفار ما يشاهَد من تصرفات بعض الناس، ممن يسيرون خلفهم، ويرددون اتهاماتهم لديننا وثوابتنا ونظامنا، فهم تبع لهم القذة حذو القذة، حتى دخلوا خلفهم جحر الضب كما في الحديث، وصار مع الأسف زحام على جحر الضب، فمنهم من دخله، ومنهم من ينتظر دوره، ومع هذا لا تزال طائفة على الحق منصورين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله، وهم على ذلك.
-
الخميس AM 10:30
2022-01-13 - 1584