غربة المستقيمين ...!!!

الحمد لله الذي أعزّ أهل الطاعة والإستقامة

الحمد لله القائل (( إن الذين قالوا ربنا الله

ثم استقاموا فلاخوفٌ عليهم ولاهم يحزنون ))

الحمد لله والشكر لله على نعمه الظاهرة

والباطنة (( وما بكم من نعمة فمن الله ))

الحمد لله والفضل لله والمنة له وحده

القائل (( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ))

وصلى الله وسلم وبارك على رسوله الأمين

سيد الأولين والآخرين وإمام المستقيمين

القائل - موصيا - : قل آمنت بالله ثم استقم.

رواه مسلم .

أما بعد...

إخواني الفضلاء : فهذه كليمات أبُثها لكم تعزية وتسلية وتخفيفا للوطئ على قلوبكم الصافية الممتلئة حبا وتعظيما لله ورسوله عليه الصلاة والسلام .

(( غربة المستقيمين )) ! أيها الأخ المبارك المستقيم : اعلم أن الإستقامة هي لزوم الطاعة لله تعالى والإنتهاء والإبتعاد عن المعاصي والنواهي والزواجر وسائر المحرمات .

وطريق الإستقامة طريقٌ يعتريه عوائق وشهوات وشبهات وملذات قد تقطعه وقد تعرقل وتبطئ السائر عليه .... ! لما لا ؟! وهو طريق للجنة دار القرار والإستقرار والفوز العظيم ، قال عليه الصلاة والسلام

( حفت الجنة بالمكاره ) متفق عليه ، أي طريقك

ودربك إلى الجنة فيه مكاره ...

فإن صبرت وتجاوزت ونجحت فالجنة مأواك والفوز والنجاح والفلاح حليفك .

وهذا وعد من الله صدق لا يتخلف

قال الله (( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا

تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ))

واعلم علم يقين أيها المستقيم : أن النفس والهوى والشيطان والدنيا أعداءٌ متربصون

( إبليس والدنيا ونفسي والهوى

كيف الخلاص وكلهم أعداء )

الخلاص هو الفرار واللجوء إلى الله جل جلاله لا لأحد غيره ، قال الله ( ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم )

وقيل :

واربط يديك بحبل الله معتصما

فإنه الركن إن خانتك أركانُ

وكلُّ من تخافه تفر منه إلا الله إن خفته فررت إليه سبحانه (( ففروا إلى الله ))

وقيل :

أفرُّ إليك منك وأين إلا

إليك يفر منك المستجيرُ

ومع ذلك كله أخي المستقيم لا بد من النقص

الذي يعتري كل أحد

قال عليه الصلاة والسلام ( استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة

ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن ) رواه أحمد

وصححه الألباني .

فالمستقيم المتمسك بأمر الله ... لابد أن يشعر

بالغربة والوحدة .

فالمسلمون في غربة من اليهود والنصارى والكفار جميعا

وأهل السنة في غربة من أهل البدع والأهواء

والسلفيون في غربة من الأحزاب والفرق الضالة

وأهل الحق عموما في غربة من أهل الباطل .

غربة المستقيمين في وظائفهم بين من يعصي

الله بأنواع من المعاصي .

فقد يبتلى المستقيم على أمر الله بعمل ووظيفة لا مناص ولا مفر له منها ببعض أهل المعاصي الذين يجاهرون بالغيبة والنميمة وشرب الدخان ومشاهدة البرامج المحرمة في التلفاز وغيره ... أو قد يبتلى وللأسف الشديد

- ونحن في بلد مسلم - في وظيفة فيها اختلاط ولا يستطيع الفكاك ولا الخلاص ... ومع ذلك كله نقول له : اتق الله وسيجعل الله لك ألف مخرج بإذنه سبحانه .

غربة المستقيمين في بيوتهم ! قد يكون الأب طيبا حبيبا عطوفا لكنه جريئ على بعض المعاصي

كشرب الدخان مثلا .

وقد تكون الأم عندها شيء من التقصير في جنب الله كذلك ، فيشعر المستقيم بالضيق والغربة ...

غربة المستقيمين في حضورهم المناسبات والأفراح ، والأفراح في هذا الزمان أصبحت أتراحا عند كثير من الناس - إلا من رحم الله- وقليل ماهم !

يجتمع في ليلة الفرح معاص كثيرة ومنكرات خطيرة بل ويتمالؤون ويتواطؤون على شرب الدخان وتوزيعه وينشدون الأشعار المحرمة التي فيها سب وجاهلية عمياء مقيته

ويعمم المكان بالتصوير بكل أنواعه وقد يصحب ذلك كله التصفيق والصياح والرقص من بعض الذكور ولا أقول الرجال !!!

وناهيكم أيها الإخوة القراء المحافظين الغيورين عما يحصل عند النساء من الشرور والأخطار التي والله ما إن تسمع بها إلا وتضع يدك على قلبك خوفا من أن يعمنا الله بعذاب من عنده ( ولا حول ولا قوة إلا بالله ).

وغربة المستقيمين في الأسواق

وغربة المستقيمين في المجالس

وغربة المستقيمين مع الزوجات

وغربة المستقيمين مع الأولاد

وغربة المستقيمين في أماكن دراستهم سواء

معاهد أو جامعات ، وحتى كلية الشريعة التي هي صرح للعلم الشرعي والوحي المعصوم

ومنارة خير وصلاح يلزمون الطلاب المستقيمين الذين فروا بدينهم من تلك الكليات المختلطة التي هي خطر على العالم كله ليس على الكويت فحسب !!!

يلزمونهم بأخذ مواد دراسية هناك ...! أسأل الله أن يعجل لنا الفرج من هذا البلاء العظيم !!!

( وكم من أخ مستقيم فارقناه والسبب ذهابه

إلى تلك الكليات المختلطة )

وأخيرا أقول :

أبشر أيها الصالح التقي النقي ، قال عليه

الصلاة والسلام : ( بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء ) رواه مسلم .

وطوبى قيل : هي الفرحة وقرة العين.

وقيل : السرور والغبطة . وقيل : الجنة .

وقيل : شجرة في الجنة .

قال شيخ الإسلام :

ولا يقتضي هذا - يعني الحديث - أنه إذا صار غريبا أن المتمسك به يكون في شر، بل هو أسعد الناس، كما قال في تمام الحديث

‏( فطوبى ) . انتهى .

أسأل الله لي ولكم الثبات على الدين

والإستقامة على أمر الله حتى يأتينا اليقين .

والحمد لله رب العالمين  

كتبه / منصور بن عبد الله العازمي

١٤ / جمادى الآخر / ١٤٣٣ هـ