جديد الموقع

القائمة البريدية

تابعنا على تويتر

WhatsApp تواصل معنا

96599429239+

البحث

البحث

الزيارات

2517
زوار اليوم الحالي
56
زيارات اليوم الحالي
1556
زوار الاسبوع الحالي
40695
زيارات الاسبوع الحالي
56
زوار الشهر الحالي
2517
زيارات الشهر الحالي
5515759
كل الزيارات

عدد الزوار

انت الزائر رقم : 434272
يتصفح الموقع حاليا : 484

عرض المادة

هل يجوز صيام يوم عرفة مفرداً إذا وافق يوم الجمعة ؟

هل يجوز صيام يوم عرفة مفردا إذا وافق يوم الجمعة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد فقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في شأن صيام يوم عرفة لما سئل عنه : «‌صِيَامُ ‌يَوْمِ ‌عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» رواه مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه.
وظاهر الحديث يقضي بأن هذا الحكم ( وهو مشروعية صيام يوم عرفة وما رُتّب عليه من الثواب) يتحقّق بصيام هذا اليوم مفردا، سواء وافق يوم الجمعة أو غيره من الأيام.
لكن يشكل عليه ما ورد من النهي عن صيام يوم الجمعة مفردا، وعن تخصيص يوم الجمعة بالصيام، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ» وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لَا يَصُمْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِلَّا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ، أَوْ يَصُومَ بَعْدَهُ» وفيهما عن مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِراً رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: «أَنَهَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عَنْ صَوْمِ الجُمُعَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ». وفي صحيح البخاري عن أُمّ المُؤْمِنِينَ جُوَيْريَةَ بنْتِ الحَارِثِ رَضِيَ اللَّه عَنهَا أَنَّ النَّبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم دَخَلَ عَلَيْهَا يوْمَ الجُمُعَةَ وَهَيَ صائمَةٌ، فَقَالَ: «أَصُمْتِ أَمْسِ؟ قَالَتْ: لا، قَالَ:تُرِيدينَ أَنْ تَصُومِي غَداً؟ قَالَتْ: لَا، قَالَ:فَأَفْطِري ».
فهذه الأحاديث وما في معناها تدل على أنه لا يجوز صوم يوم الجمعة مفردا ولو وافق يوم عرفة.
وإزاء هذا التعارض الظاهري هل يعمل بأحاديث النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصيام؛ فيقال بعدم جواز صيام يوم عرفة مفردا إذا وافق الجمعة، كما ذهب إليه أحد كبار علماء العصر، وهو العلاّمة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله؟ ( السلسلة الصحيحة 2/ 732)، أو يعمل بحديث أبي قتادة فيقال بجواز إفراده بالصيام، كما هو الرأي المشهور عند الفقهاء؟
والتّحقيق يدل على مشروعية صيام يوم عرفة مفردا سواء وافق يوم الجمعة أو غيره من الأيام، وبيان ذلك في الآتي:
أولا: إضافة الصيام إلى يوم عرفة ترفع تخصيص صيامه لكونه يوم الجمعة، وبيان ذلك أن صيام يوم عرفة مشروع بقطع النظر عن اليوم الذي وافقه سواء أكان الجمعة أم غيره من الأيام، فمن صام هذا اليوم فإنما صامه لكونه يوم عرفة لا لكونه يوم الجمعة، كما لو وافق عرفة يوم الثلاثاء أو الخميس أو غيرهما من أيام الأسبوع؛ فإنه صامها لكونها يوم عرفة لا لكونها أيام الأحد أو الثلاثاء أو الخميس، وعلى هذا فهو لم يخصّ يوم الجمعة بالصيام، وإنما صام يوم عرفة؛ فلا يكون داخلا تحت قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تخصّوا يوم الجمعة بصيام ).
ثانيا: وبما تقدم يتبين أنه لم يتوارد حكمان متعارضان على محلّ واحد ، أحدهما: النهي عن تخصيص يوم الجمعة أو إفراده بالصيام، والآخر: مشروعية صيامه إذا وافق عرفة، بل النهي عن صيام يوم الجمعة فيما لم يوافق يوم عرفة، فإذا وافقه كان الصيام ليوم عرفة وليس ليوم الجمعة، وحينئذ يكون كل واحد من الحديثين قد عمل به في محلّه، ومثله إذا وافق العيد يوم الاثنين كان صيامه محرما؛ وقوفا مع أحاديث تحريم صيام يومي العيدين، وفيما عداه يكون صيامه مشروعا؛ اتباعا لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من فضيلة صيامه.
وبهذا يُعلم دفع الاعتراض على القول بجواز صيام يوم عرفة إذا وافق الجمعة بالقاعدة الأصولية ( الحاظر مقدم على المبيح) لإمكانية إعمال الدليلين معًا، وإنما يصار إليها حين يتوارد الدليلان على شيء واحد، ولا يمكن الجمع بينهما، ولا الترجيح بما هو أقوى من القاعدة المذكورة.
ثم إنه يجب التفريق بين مسألة النهي عن صيام يوم الجمعة، ومسألة تحريم صيام يوم الاثنين إذا وافق عيدًا؛ فإن الأول يجوز صيامه بقيد كما سبق، وأما الثاني فلا يجوز صيامه مطلقا، على معنى أن المكلف لو صام مع يوم الاثنين الموافق ليوم العيد يوما قبله أو بعده لم يجز ذلك؛ لأن تحريمه جاء مطلقا.
وبهذا وبالذي قبله يندفع ما قيل مِن إلزام مَن جوّز صيام يوم الجمعة مفردا إذا وافق يوم عرفة بتحريم صيام يوم العيد إذا وافق الاثنين أو الخميس.  
ثالثا: فإن قيل: نعم من أفرد صيام يوم عرفة إذا وافق الجمعة لم يكن مخصصا الجمعةَ بالصيام، لكنه أفرد يوم الجمعة فلم يصم يوما قبله، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيامه مفردا، وأمر بصيام يوم قبله أو يوم بعده، وصيامُ يوم بعده في هذه الحالة متعذر لحرمة صيام يوم العيد، فوجب أن يصام اليوم الذي قبله.
والجواب عنه من وجهين:
أحدهما: أن المأمور بصيام يوم قبله أو بعده إنما هو صيام يوم الجمعة لا يوم عرفة، والصيام من أجل أنه يوم عرفة وليس من أجل أنه يوم الجمعة.
والآخر: أن الحديث ورد على الغالب؛ وذلك أن يوم عرفة يوم واحد في السنة، وأما الجمعة ففي كل أسبوع، ويوم عرفة قد يوافق الجمعة وقد لايوافقها؛ فكان الحديث واردا في صيام يوم الجمعة ما لم يوافق يوم عرفة جريا على الغالب، وأما إذا وافق عرفة فيستفاد حكمه من الأدلة الأخرى؛ ذلك أنه اجتمع فيه كونه يوم جمعة ويوم عرفة، والأحكام تتغير بتغير متعلقاتها.
ولا شك أن إطلاق النبي صلى الله عليه وسلم فضل يوم عرفة منفردا دون تقييد دليل على مشروعية صيام يوم عرفة ولو منفردا، ولا يصح تقييده بما ورد في صيام يوم الجمعة مطلقا للاختلاف بين اليومين ـ كما سبق ـ .
رابعا: قوله صلى الله عليه وسلم « إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ» يحتمل أن تكون " في " للظرفية على ما هو الأصل فيها، ويحتمل أن تكون للمصاحبة.
ويكون المعنى على الاحتمال الأول: «إلا أن يكون يوم الجمعة واقعًا في يومِ صومٍ يصومه» كما ذكره الطيبي رحمه الله في ( شرح المشكاة 5/ 1610).
وهذا المعنى ظاهر في دلالته على مشروعية صيام يوم عرفة منفردا؛ لأنه يصدق على من صام عرفة أنه أوقع ذلك في يومِ صومٍ يصومه.
كما يفيد الاستثناء أن النهي عن صيام يوم الجمعة منفردا إنما هو في حق من تعمّد صيام يوم الجمعة لأجلها، وليس لأمر آخر، كصيام عرفة أو عاشوراء، ويشهد لهذا ما ثبت في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما من أنّ أحبّ الصيام إلى الله صيام داود عليه السلام، وكان يصوم يوما ويفطر يوما.
ولا شك أن من صام يوما وأفطر يوما سيوافق صيام يوم الجمعة منفردا، إذا صام الأربعاء وأفطر الخميس، وصام الجمعة وأفطر السبت، فسبق يومَ الجمعة فطر وأعقبه فطر، ولو لم يكن المعنى المذكور معتبرا لكان ثمة تعارض بين هذا الحديث والأحاديث التي فيها الأمر بصيام يوم قبل الجمعة أو بعده.
وهذا المعنى ذكره الإمام أحمد رحمه الله ورضي عنه في عدّة روايات عنه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في( شرح العمدة 2/ 652) : «فأمّا إن لم يقصده بعينه، بل صام قبله يوماً أو بعده يوماً، أو كان يصوم يوماً ويفطر يوماً؛ فإنه يصوم يوم الجمعة دون ما قبله وما بعده، لكن في جملة أيام، أو أراد أن يصوم يوم عرفة أو يوم عاشوراء، فكان يوم جمعة ونحو ذلك لم يكره؛ فإن النهي إنما هو عن تعمّده بعينه، كما قال في رواية حنبل.
وقال في رواية الأثرم ـ وقد سئل عن صيام يوم الجمعة ، فذكر حديث النهي أن يفرد ـ  ثم قال: إلا أن يكون في صيام كان يصومه، فأما أن يفرد فلا، فقيل له: فإن كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، فوقع فطره يوم الخميس وصومه الجمعة وفطره السبت، فصام الجمعة مفرداً؟ فقال: هذا الآن لم يتعمد صومه خاصة، وإنما كره أن يتعمد، وهذا لم يتعمد.
وقال أيضاً في رواية إبراهيم، وقد سأله عن صوم الجمعة، وهو يوم عرفة، ولا يتقدمه بيوم ولا يومين؟ فقال: لا يبالي، إنما أراد يوم عرفة، وإنما نهى عن صوم عرفة بعرفات.
وهذا لما تقدم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن في صومه إذا صام قبله أو بعده.
ولأنه جعل أفضل الصيام صيام داوود، ومعلوم أن من صام يوماً وأفطر يوماً؛ صام يوم الجمعة، وكذلك من صام يومين وأفطر يوماً، أو من صام يوماً وأفطر يومين»  .
وكلام الإمام أحمد رحمه الله ـ كما ترى ـ صريح في جواز صيام يوم عرفة منفردا إذا وافق يوم الجمعة.
وعلى الاحتمال الثاني لدلالة ( في ) يكون المعنى : إلا أن يكون صيامه مع غيره من الأيام السابقة له أو اللاحقة، ويشهد لهذا الأحاديث الأخرى التي فيها الأمر بصيام يوم قبله أو بعده، قال الإمام الترمذي رحمه الله(2/ 111) بعد إخراجه حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه المرفوع : «لَا يَصُومُ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِلَاّ أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ أَوْ يَصُومَ بَعْدَهُ» : «وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ: يَكْرَهُونَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْتَصَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ بِصِيَامٍ، لَا يَصُومُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، وَبِهِ يَقُولُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ».
وقال الحافظ ابن حجر في ( الفتح 4/ 2349 ) بعد ذكره جملة من الأحاديث التي فيها الاستثناء بصورتيه  :«وَيُؤْخَذُ مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ جَوَازُهُ لِمَنْ صَامَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوِ اتَّفَقَ وُقُوعُهُ فِي أَيَّامٍ لَهُ عَادَةٌ بِصَوْمِهَا كَمَنْ يَصُومُ أَيَّامَ الْبِيضِ أَوْ مَنْ لَهُ عَادَةٌ بِصَوْمِ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ كَيَوْمِ عَرَفَةَ فَوَافَقَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ صَوْمِهِ لِمَنْ نَذَرَ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ مثلا أَو يَوْم شِفَاء فلَان».
وعلى هذا المعنى يكون توجيه مشروعية صيام يوم عرفة إذا وافق الجمعة ما تقدم ذكره في ( أولا، وثانيا).
وبناء على ما تقدّم يظهر أن القول الراجح هو استحباب صيام يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة، ولو لم يصم المكلف يوما قبله، وبهذا أفتى من المعاصرين العالم الجليل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، فقال في ( مجموع الفتاوى 15/ 414): « لكن إذا صادف يوم ‌الجمعة يوم ‌عرفة فصامه المسلم وحده فلا بأس بذلك؛ لأن هذا الرجل صامه لأنه يوم ‌عرفة لا لأنه يوم جمعة. وكذلك لو كان عليه قضاء من رمضان ولا يتسنى له فراغ إلا يوم ‌الجمعة فإنه لا حرج عليه أن يفرده؛ وذلك لأنه يوم فراغه. وكذلك لو صادف يوم الجمعة يوم عاشوراء فصامه فإنه لا حرج عليه أن يفرده؛ لأنه صامه لأنه يوم عاشوراء لا لأنه يوم الجمعة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا تخصوا يوم الجمعة بصيام ولا ليلتها بقيام » . فنص على التخصيص، أي على أن يفعل الإنسان ذلك لخصوص يوم الجمعة أو ليلتها».
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
كتبه/ عبد العزيز بن محمد السعيد
7/ 12/ 1443هـ

  • الاربعاء PM 10:07
    2022-07-06
  • 1359
Powered by: GateGold