القائمة البريدية

تابعنا على تويتر

WhatsApp تواصل معنا

96599429239+

البحث

البحث

الزيارات

3337
زوار اليوم الحالي
139
زيارات اليوم الحالي
1808
زوار الاسبوع الحالي
49313
زيارات الاسبوع الحالي
139
زوار الشهر الحالي
3337
زيارات الشهر الحالي
5500241
كل الزيارات

عدد الزوار

انت الزائر رقم : 433790
يتصفح الموقع حاليا : 424

عرض المادة

موقف يزن مواقف

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
يَعيشُ الانسانُ في هذه الحياةِ الدنيا، بين مواقفَ لها أثرٌ في حياته، اما سلباً واما ايجاباً، فيأخذ منها العبرةَ ويتجاوزُها، ولكنِ الأثر الأكبرُ، حينما يكون للموقف صدئ في حياة الانسان، ودويا يتكررُ عليه، ويتجددُ له في ذاكرته، لِعظم أثر ذلك الموقف وتكرر أسبابه، التي توجب تذكرَه وعدمَ نسيانه، لاسيما اذا كان الموقف من رجلٍ له مكانة في النفس، بل في الأمة، ويجد ظهور صواب موقفه بعد حين بممر الليالي والأيام.
فمن هذه المواقف، موقفٌ شهدتُه ووقفتُ عليه، لأنه حدث أمامي، فأبْصَرَتْه عَيناي وسَمِعتْه أُذناي ووعاه قلبي، ذلك الموقف الذي غير من سلوكي وأثر في منهج حياتي، وأفادني كيف تُدرَك الأمور، وتُفهم النوازل، لاسيما عند تلاطم الفتن وتشابه الأمور.
الموقف كان من فضيلة شيخنا الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى رحمة واسعة - وكان في عام 1411هجرية، الموافق 1990 للميلاد، وعند دخول القوات العراقية دولة الكويت، وهو ما يُسمى بأحداث الخليج الأولى''، وبعد اعلان هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية جواز الاستعانة بالقوات الأجنبية لردء الصائل ودحر عدوان العبث المعتدي.
ففي يوم الجمعة وبعد صلاتها تبعتُ الشيخ - رحمه الله - لأسئله، وكان من عادته - رحمه الله - أنه يخرج من مسجده بعد الصلاة راجعاً الى بيته ماشياً، ويتبعه من له مسألة شرعية أو حاجة دنيوية، وكان من ضمن من تبعه في تلك الجُمعة مجموعة شباب - من حدثاء الأسنان - ويظهر عليهم عدم الرضى'' لبيان هيئة كبار العلماء بجواز الاستعانة بالقوات الأجنية، وكانوا يتكلمون مع الشيخ - رحمه الله - عن الأحداث القائمة - وهي دخول القوات العراقية لدولة الكويت، واستعداد القوات الأجنبية للتدخل في هذا الحدث - كمدخل لما في نُفوسِهم، ويُقررون ان هذا الحَدث تم بتديرٍ من دول الكفر، لكي يتمكنوا من دخول جزيرة العرب، وضرب الاسلام، والاضرار بأهله، واستعمار بلاد المسلمين بأسلوب الاستعمار الجديد، وو وو.رجماً بالغيب وخرصاً وتخميناً، ان يتبعون الا ظناً وان هم الا يخرصون.
وكان الشيخ - رحمه الله - يذكر لهم خطورة الوجود الأجنبي لاسيما في مثل هذه الجزيرة، وعدم ارتياحه من دخولهم.
ثم انتقلوا لنقد بيان هيئة كبار العلماء - في جواز الاستعانة بالدول الأجنبية - لوقف تقدم القوات العراقية، واخراجها من دولة الكويت.
فلم يرتضِ الشيخ - رحمه الله - نقدهم للبيان، لاسيما وأنه صدر عن رأي أكثر العلماء.
فقالوا له - بعد ان وصلنا لباب بيته - ما رأيك يا شيخ محمد في البيان؟ فقال الشيخ - رحمه الله -: البيان خرج باسم هيئة كبار العلماء، وأنا مع البيان.
فقالوا: هل صحيح أنك لم تحضر الاجتماع.
فقال الشيخ - رحمه الله - نعم أنا لم أحضر.
فقالوا: كيف لم تحضر! وأنت من جملة من وقع على البيان واسمك موجود في البيان؟ فقال الشيخ - رحمه الله -: نعم.أنا وقعتُ ولم أحضر! فقالوا: كيف توقع ولم تحضر؟ فقال الشيخ - رحمه الله -: نعم وقعتُ ولم أحضر، لأن الذي حصل لي! أني سافرتُ لحضور الاجتماع، وحصل لي تأخير، فكان حضوري بعد انتهاء الاجتماع، فلما حضرت قالوا ان الاجتماع قد انتهى''، فمن أحب ان يُوقّع على عدم جواز الاستعانة، فليُوقّع.
ومن أحب ان يُوقّع على جواز الاستعانة فليُوقّع.
فقال الشيخ - رحمه الله -: والشيخ عبدالعزيز بن باز، وش موقفه؟ فقالوا: انه ممن وَقّع على جواز الاستعانة.
فقال الشيخ - رحمه الله -: وأنا أُوقع.
ثم قال لهم الشيخ - رحمه الله - وهم يسمعونه.
أتدرون لماذا وقعتُ؟ لأني أثق في الشيخ عبدالعزيز، فهو لن يوقع عن جهل، ولن يوقع عن هوى، وانما وقع عن علم وديانة، وأنا أثق بعلمه ودينه.
فانتهى، عند ذلك الموقف، الذي سمعته أذناي وأبصرته عيناي ووعاه قلبي، وكنت عليه من الشاهدين، ثم انصرفوا وانصرفنا جميعاً.
فاستفدت من هذا الموقف بعض ما سأذكره لك أخي القارئ الكريم، ولعله يظهر لك ما استفدتُه، فتَستفيدَ منه كما استفدتُ منه، والله من وراء القصد، وهو حسبي ونعم الوكيل.
-1
فطنة الشيخ - رحمه الله - وحذْقه في معرفة مراد السائل، وهذا الذي ينبغي ان يكون عليه المفتي،، فلربما يكون السائل مستدرجاً للمفتي لشيء يريده في نفسه، فيوقع الشيخ بمراده، فكم هلك في مثل هذا من يُشار اليه بالعلم.
-2
الحذر من الفتوى في النوزال والفتن، أو التسابق اليها، أو الاستشراف لها قبل أهلها، لأنه من تعدى حدود الله {ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه} ولنا في سلف هذه الأمة - من الصحابة والتابعين - الأسوةُ الحسنةُ، فهذا أبو موسى - رضي الله عنه - لما رأى الحلق في المسجد رجع لابن مسعود - رضي الله عنه - ليرى رأيه، ويرد الأمر لمن يظنه أعلى منه، فالشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - مع وافر علمه وجلالة قدره رد الأمر لمن هو أكبر منه، تواضعاً واحتراماً، وجمعاً للكلمة، واظهاراً لفضل أهل الفضلhttp://cdncache-a.akamaihd.net/items/it/img/arrow-10x10.png.
-3
حرص الشيخ - رحمه الله - على ايضاح المقام، وازالة اللبس عن السائل، حيث لم يتركهم في حيرة من قوله لهم (وقعتُ ولم أحضر) فهذا هدي نبوي كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - (على رسلكما انها صفية).
-4
لِين الشيخ - رحمه الله - في خطابه مع المخالف - ما أمكن - لاسيما مع من في قلبه مرض، كما قال تعالى (فقولا له قولاً ليّناً لعله يتذكّر أو يخشى'').فهؤلا الحدثاء كانوا جرآء في خطابهم مع الشيخ - رحمه الله - وهو يحلم عليهم، لعلهم يهتدون أو يُحْدثُ اللهُ لهم أمراً.
-5
الحذر من غرور العلم، أو شذوذ الفتوى''، وان بَلغ بك العلم مبلغاً، فكيف بالمتعالِم المتطاول، الذي حقيقة حاله، كالأعور بين العميان.فان للعلم غروراً ونشوةً لا يَسْلم منها الا من عصمه الله، فهذا الشيخ - رحمه الله - لم يقل (أنا لي كلمتي، أو لي رأيي، أو لي نظري) بل تواضع للحق وللخلق - نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً - فرد الأمر للذين أوتوا العلم من قبله، وشهدوا بالحق، وهم أشد استنباطاً لحكمه.
-6
وجوب الحرص على اجتماع الكلمة، لاسيما حينما يلوح في الأفق ظهور الخلاف والفرقة، والحرص على عدم نشر ما يبذر الفرقة تحت غطاء (لم يفهموا مرادي، أو لم أقصد ما فهموه) زخرفاً من قول غروراً.
-7
تشبث الأصاغر بالأكابر، والأخذ عنهم، ومعرفة قدرهم واظهار مكانتهم للأمة، فهذا الشيخ - رحمه الله - تمسك بشيخه - رحمه الله - لمعرفته بقدر علمه وصلاح دينه، مع ما في هذا من تمثل قول الله تعالى (فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون) وقوله (فلو ردوه الى الرسول والى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) وقال أبوبكر لعمر- رضي الله عنهما- يوم الحديبية لما سأله عن بنود الصلح، فأجاب بمثل ما أجابه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وزاد عليه (استمسك بغرزه).فالناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم.
هذا ما تيسر، والله أسأل ان ينفعنا بما علمنا، ويهدينا لما اختُلف فيه من الحق باذنه، انه جواد كريم، والحمدلله رب العالمين.

كتبه: فرج المرجي 

2014/10/19   

  • الجمعة PM 04:46
    2015-02-13
  • 1519
Powered by: GateGold